في خضم حالة عدم اليقين بمآلات الحرب التي تعصف في المنطقة، وتحديداً لبنان وغزة، أطلّت صحيفة “إسرائيل هيوم” بخبر غير اعتيادي، زعمت فيه أن “حزب الله” استخدم قنابل عنقودية ضد القوات الإسرائيلية المتوغلة في جنوب لبنان قبل أكثر من أسبوع.

    الحال أن ما نشرته الصحيفة المقربة من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، عن قنبلة الحزب العنقودية، لم يرد في أي وسيلة إعلام عبرية أخرى. لكن محررة الشؤون العسكرية ليلاخ شوفال، نسبت الكشف الذي حصلت عليه، إلى مصادر أمنية، حيث حددت حادثة بعينها وقعت في الأسبوع الماضي، أطلق خلالها الحزب قنابل عنقودية تجاه قوات الاحتلال المتوغلة في جنوب لبنان، مما أسفر عن وقوع قتلى وجرحى، نتيجة القنابل التي يطلقها الحزب تجاه الجنود. 

    وتابعت أنه “نتج عنها مجموعة من الانفجارات لقنابل صغيرة متتالية”، إذ تتسبب القنبلة العنقودية بأضرار واسعة النطاق على مساحة أكبر مقارنة بالأسلحة التقليدية.

    وحسب شوفال، فإن تلك الحادثة دفعت الجيش الإسرائيلي إلى إجراء عدة تقييمات استراتيجية، لمسألة استمرار العمليات البرية، ومدياتها، ونشر القوات.

    إصابات غير متوقعة

    وبدا أن الكشف المزعوم من قبل “إسرائيل هيوم”، قد شكل محاولة إسرائيلية إضافية، وغير مباشرة، لفهم أسباب وقوع عدد كبير من القتلى والجرحى في صفوف جنود الاحتلال، وبالجملة، في الاستهداف الواحد، خلال العملية البرية الإسرائيلية في المنطقة اللبنانية المحاذية للحدود مع فلسطين المحتلة.

    ولم تشر الكاتبة الإسرائيلية إلى وقائع أخرى لاستخدام “حزب الله” قنابل عنقودية خلال الحرب الحالية على لبنان، إذ ركزت على حادثة معينة. كما أنها لم تسرد شيئاً عن نوعية هذه القنابل التي يمتلكها الحزب، غير أنها عادت إلى الوراء لتكريس مزاعمها بخصوص ذلك، وتحديداً إلى حرب تموز/يوليو 2006، حيث حاولت تدعيم سرديتها، عبر استدعاء تقرير لمنظمة “هيومان رايتس ووتش” قبل 18 عاماً. يومها، اتّهم حزب الله بإطلاق قنابل عنقودية صينية الصنع عيار 122 ملم على إسرائيل أثناء تلك الحرب. ووفق صحيفة “إسرائيل هيوم”، فإن كل قنبلة تحتوي على 39 ذخيرة عنقودية ومئات الكريات الفولاذية.

    شظايا صواريخ
    وفي حين لم تستخدم وسائل الإعلام الإسرائيلية مصطلح “قنابل عنقودية”، فيما يتعلق بذخائر “حزب الله”، إلا أنها اكتفت بالإشارة إلى قذائف صاروخية يطلقها الحزب نحو العمق الإسرائيلي، وينتج عنها عدد كبير من الشظايا. 

    وهنا، قال مراسل تلفزيون “مكان” في الجبهة الشمالية إن وقوع قتلى وإصابات ودمار نتيجة تلك الصواريخ، يعود إلى شظاياها التي تنتشر على نطاق واسع، حتى لو تم التصدي لها من أنظمة “الدفاع الجوي” الإسرائيلية. وبيّن المراسل أن هذه الشظايا عبارة عن عدد كبير من القطع الحديدية المتناثرة.

    حانين والطيري
    واللافت أن حديث “إسرائيل هيوم” عن استخدام “حزب الله” قنابل عنقودية ضد قوات إسرائيلية في الجنوب اللبناني قبل أيام، جاء بعد اتهام الحزب لإسرائيل بقصف منطقة بين بلدتي حانين والطيري جنوب لبنان، بصواريخ تحمل قنابل عنقودية محرّمة دولياً. ولا يُستبعد أن يكون نشر هذا الادعاء من قبل الصحيفة العبرية، جاء بهدف خلط الأمور، وتضليل العالم، وإبعاد الشبهة عن إسرائيل، عبر الزعم أن “الحزب هو مَن يستخدم هذه القنابل العنقودية، وأن الصواريخ الإسرائيلية لم تكن عنقودية، وإنما استهدفت هذا النوع من القنابل المخزنة في أنفاق ومبانٍ سكنية بلبنان”.

    كما أن النشر عن استخدام قنابل عنقودية ضد القوات الإسرائيلية، جاء وكأنه يمهّد الرأي العام الإسرائيلي، لاحتمالات انتهاء العملية البرية في جنوب لبنان في غضون أسبوع، وإن كان الترويج لذلك ربما يندرج في سياق “الخدعة الإسرائيلية”، أو توطئة للتحول إلى شكل جديد للقتال في لبنان.

    تفجير نفق حزب الله “الضخم”

    في غضون ذلك، حاول الجيش الإسرائيلي استثمار فيديو لتفجير مجمّع تحت أرضي “ضخم” لحزب الله في جنوب لبنان، للترويج له وكأنه “إنجاز كبير” للعملية البرية، رغم تلقيه خسائر بشرية قياسية نتيجة ضربات “حزب الله”.

    وقال جيش الاحتلال إنه استخدم 400 طن من المتفجرات، لتفجير نفق طوله كيلومتر ونصف الكيلومتر، “أقامه حزب الله على مدى 15 عاماً”، وهي كمية ذخيرة هائلة تسببت بتفعيل أجهزة إنذار الزلازل في شمال فلسطين.

    واللافت أن المراسل العسكري لتلفزيون “مكان”، إيال عاليما، اعتبر أن استخدام هذه الكمية الهائلة من المتفجرات، بمثابة دليل على مصاعب هندسية يواجهها الجيش في التعامل مع البنى التحية للحزب، تحت الأرض؛ لأنها أنفاق في منطقة جبلية وصخرية، وهي مختلفة طوبوغرافياً عن أنفاق غزة الموجودة في أرض رملية مستوية.

    قتال تحت الأرض

    وكشف عاليما أن اشتباكات وقعت داخل النفق الضخم، قبل تمكن القوات الإسرائيلية من السيطرة عليه، مضيفاً أن “القوات الإسرائيلية اكتسبت خبرات في غزة، على صعيد القتال في الأنفاق وتحت الأرض”.

    كما أشار عاليما إلى أن الحديث عن قرب انتهاء العملية البرية في جنوب لبنان، مرده الى أن الجيش على وشك استكمال عملية تحييد بنى تحتية لحزب الله على امتداد المنطقة المحاذية للسياج الحدودي، مبيناً أن العملية هدفت إلى “شل” قدرة حزب الله على تنفيذ خطة “احتلال الجليل”، وتنفيذ هجوم يحاكي السابع من أكتوبر/تشرين الأول.

    لكن المراسل العسكري الإسرائيلي، أقرّ بأن حزب الله ما زال يمتلك قدرات عسكرية كثيرة، وأنفاق كبيرة في مناطق أبعد عن الحدود.. موضحاً أن السؤال المركزي الآن هو: إلى أين تتجه المعركة في لبنان؟

    من ناحية ثانية، أشارت مقالات إسرائيلية أخيراً، إلى دور روسيا في مساعدة إيران وحلفائها استخباراتياً، لدرجة أن هذه المقالات اعتبرت أن موسكو تريد استمرار الحرب الجارية في الشرق الأوسط، خدمة لمصالحها، على حد قولها.