وسط سينوغرافيا ديناميكية باهرة، مدعومة بالعديد من اللوحات الاستعراضية، طرح عرض «جيران القمر» الذي قدمه مسرح دبي الوطني، على خشبة ندوة الثقافة والعلوم، أول من أمس، خلال سادس أيام مهرجان دبي لمسرح الشباب، قصصاً حياتية وهموماً شبابية، وكيف يمكن أن تكون بعض المحطات المفصلية، سبباً في تعثرهم وضياعهم.

    تنفتح الستارة على سينوغرافيا جميلة تقسم المسرح إلى ارتفاعات ومساحات وطاولات تتحرك وتتبدل أشكالها، وعبر لوحة استعراضية، نتعرف إلى شخصيات العمل الذي كتبه وأخرجه عبدالله المهيري الذي اختار تقديم العديد من القضايا الشبابية عبر قصة الشخصية الأساسية في العمل، وما تحمله من محطات مأساوية، فتحثه «هالوس» جارة القمر، على الطيران في هذا العالم، وتحذره من الوقوع في يدها وفي فخ الأخطاء.

    يطرح الشاب العديد من الأسئلة حول الهوية والذات، فهو الذي تطارده الأحلام بحياة أفضل، إذ يبلغ من العمر 25 سنة، ولكنه لم يكتشف نفسه بعد، بسبب عدم وجود لغة تفاهم مشتركة بينه وبين عائلته.

    باحث عن تعويض

    يضيء المهيري على أهمية العلاقات الأسرية، عبر قصة الشاب الذي يبحث عن تعويض لغياب العائلة بشتى الطرق، ما يجعله ينخرط في أنشطة كثيرة مع أصدقائه، ومنها سباق سيارات، وحضور عروض أزياء أو أعمال مسرحية وغيرها. هذه الأنشطة لم تعوض عن غياب التواصل مع الأهل، بل على العكس، تبرز حالة الفراغ الداخلي الذي يسيطر على النفس التي تكون هشة، وعبثاً تحاول ترميم الانكسارات بسبب كل ما تمر به.

    تغوص مشاهد المسرحية في قضايا متنوعة، وأبرزها طموح الشباب، ودعمهم، حتى إن مشهد الأزياء، يأخذ الحضور إلى عالم المظاهر، وكيف تصبح الأشياء أغلى ما يملكه الإنسان.

    يعمل المهيري على تقديم حياة الشخصيات عبر تفاصيل حياتية يومية، ويأخذ المشاهد إليها عبر سينوغرافيا شديدة الديناميكية، حيث كانت تتبدل الطاولات المستخدمة على المسرح من حلبة سباق، إلى مسرح، ومن ثم إلى منصة لعرض الأزياء، بشكل سريع وباهر، مع الاعتماد على التلاعب بالإضاءة، لاسيما الملونة التي كانت جزءاً أساسياً في تنقلات العمل واللوحات.

    مشكلة ثانية

    تتصاعد الحبكة في العمل، حتى نتعرف إلى صديق الشخصية الرئيسة الذي يعاني مشكلة ثانية ترتبط بالعائلة أيضاً، إذ ولد لأب وأم متزوجين سراً، وبعد ولادته يرفض الأب إعلان الزواج، فتقرر الأم الانفصال وترتبط برجل ثري، هو الذي يعمل على تنشئة الطفل، إلا أن هذه المشكلة تترك أثراً كبيراً في داخله، ما يجعله يتجه إلى إدمان المخدرات.

    وتبين الأحداث المتتالية أهمية العائلة في حياة المرء، لاسيما في مرحلة الشباب، وكيف أن غيابها يؤدي إلى الضياع.

    وعلى الرغم من وجود قصتين أساسيتين في العمل، فإن المهيري اعتمد على فريق عمل كبير في العرض، سواء في اللوحات الراقصة أو حتى المشاهد التي تأخذنا عبر المسرح والسباق. كما يضع «هالوس»، كشخصية محورية في أحداث القصة، فهي تطلق على نفسها اسم «جارة القمر»، وتقول إنها تسكن قرب القمر ولا تتحدث إلى الناس، بل تأخذهم إلى السماء، لينظروا إلى الهموم السخيفة التي يمرون بها في حياتهم، كي يجدوا أنفسهم أعلى وأكبر من كل التفاهات. وتؤكد هالوس التي تظهر في القصتين، على أنها لم تكن شريكة في الأخطاء التي ارتكبوها.

    «المسرح مرآة الواقع».. هذه الجملة التي وضعها المهيري داخل أحد مشاهد عمله، تعكس رؤيته الحقيقية لعالم «أبوالفنون»، ويترك رسالته في النهاية، والمتمثلة في تخلي الشباب عن أداء دور الضحية، والانتفاض من أجل الذات، ومن أجل حياة أجمل في كنف العائلة ودعمها.

    لوحات استعراضية

    أخذت اللوحات الاستعراضية حيزاً في عرض «جيران القمر»، إذ وظّفت الموسيقى في العمل بشكل لافت، فأتت خادمة للنص ولسياق الأحداث، لاسيما كونها تطرح قضايا شبابية بامتياز.

    وتنوعت الموسيقى التي اختيرت في العمل بين الهندية والغربية، وعمل على التأليف الموسيقي عبدالعزيز الخميس. كما كانت تأثيرات الإضاءة متميّزة في اللوحات الاستعراضية وكذلك في الفواصل، وهي بتوقيع رضوان النوري.

    أما الفريق التمثيلي فضم: ياسين الدليمي، خولة عبدالسلام، زين زهير، أمل حسن، خالد حسين، عبدالله عقيل، محمد بن حارب، علي حسين، عبدالله دلفش، صالح البلوشي.

    • تنفتح الستارة على سينوغرافيا جميلة تقسم المسرح إلى ارتفاعات ومساحات وطاولات تتحرك وتتبدل أشكالها.

    • يضيء المهيري على أهمية العلاقات الأسرية، عبر قصة الشاب الذي يبحث عن تعويض لغياب العائلة بشتى الطرق.

    • «المسرح مرآة الواقع».. جملة وضعها المؤلف داخل أحد مشاهد عمله، تعكس رؤيته الحقيقية لعالم «أبوالفنون».

    Google Newsstand

    تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news

    Share

    فيسبوك
    تويتر
    لينكدين
    Pin Interest
    Whats App