أعربت مجلة “فورين بوليسي” الأميركية عن اعتقادها بأن الهجوم “المدروس”، الذي شنته إسرائيل فجر السبت على العديد من المنشآت العسكرية الإيرانية، قد يتيح الفرصة أمام تخفيف حدة التصعيد بين البلدين على المدى القصير.

ورأت أن رد فعل طهران، الذي وصفته بالهادئ حتى الآن، مؤشر على أنها لن ترد على الهجوم بالمثل على الأرجح. ونقلت عن سانام فاكيل، مديرة برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في “معهد تشاتام هاوس” البريطاني، القول إن تبادل الهجمات بين البلدين يعد “تصعيدا خطيرا، فقد تجاوزت كل من إسرائيل وإيران خطوطا حمراء خطيرة”.

وأضافت أن الرد الإسرائيلي على هجمات إيرانية سابقة جاء “مدروسا نسبيا”؛ إذ تجنبت ضرب المنشآت النووية، معربة عن اعتقادها بأن إيران ليست لديها مصلحة أو قدرة على التورط في حرب إقليمية أوسع نطاقا.

مقدمة لمزيد من الهجمات

لكن مراسل مجلة فورين بوليسي، ريشي إينغار، يرى أن كل التصريحات الصادرة، سواء من المسؤولين الأميركيين والغربيين وغيرهم، قد لا تحول دون وقوع مزيد من الأعمال العدائية بين الجانبين، بل إن بعض الخبراء حذروا من أن هجوم يوم السبت قد يكون مقدمة لمزيد من الهجمات من قبل إسرائيل حتى لو اختارت إيران عدم الرد.

وقال أزرائيل بيرمانت، الباحث البارز في معهد العلاقات الدولية في براغ الذي يركز على الشرق الأوسط، إن إقدام إسرائيل على ضرب عدد من أنظمة الدفاع الجوي إنما “يدل على أنها ربما تمهد لهجوم لاحق”.

لكنه يستدرك بأن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن “ستبذل كل ما في وسعها لمنع مزيد من الضربات الإسرائيلية”.

ويرجح مراسل المجلة إينغار، في تحليله الإخباري، أن تكون للانتخابات الرئاسية الأميركية في 5 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل انعكاسات كبيرة على عملية صنع القرار الإسرائيلي أيضا، سواء في ما يتعلق بتوجيه ضربة هذا الأسبوع أو بإمكانية شن هجوم في المستقبل على إيران.

فرصة ضيقة لإسرائيل

ووفقا لسانام فاكيل، فإن لدى إسرائيل “فرصة ضيقة جدا” للتحرك، “فقد كانت هناك توقعات كثيرة بأن إسرائيل ستنفذ هذه الضربة قبل 5 نوفمبر/تشرين الثاني، في ظل الاعتقاد بأن الرئيس الأميركي المقبل قد يحاول تقليص مجال المناورة الإسرائيلية أو تقييدها”.

وبالنسبة لإسرائيل -يقول إينغار- فإن أمورا كثيرة تتوقف على من ستؤول إليه الغلبة في السباق الرئاسي بين الرئيس السابق دونالد ترامب وكامالا هاريس نائبة الرئيس الحالية.

وفي تعليقه على ذلك، يقول الباحث بيرمانت إن “حلم” رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو هو أن يصبح دونالد ترامب رئيسا، وعندئذ ستشعر تل أبيب بثقة أكبر في قدرتها على تنفيذ هجوم أكثر طموحا مع وجود ترامب في البيت الأبيض، حسب اعتقاده.

إدارة هاريس

ويبقى التساؤل مفتوحا -كما يقول كاتب التحليل- عما إذا ما كانت إدارة هاريس، في حال فوزها، ستكون على استعداد للذهاب إلى أبعد مما وصلت إليه إدارة بايدن في محاولة كبح تصرفات إسرائيل في إيران وغزة ولبنان.

ولطالما أكدت هاريس حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها وأشادت بدعم واشنطن “الثابت” لتل أبيب، لكنها كانت أيضا أكثر انتقادا لتصرفاتها في بعض الأحيان مما فعل بايدن، ولو لفظيا على الأقل، على حد تعبير المجلة الأميركية.

ولم تبدُ هاريس “مترددة” عندما سألها مقدم برنامج “60 دقيقة” بشبكة “سي بي سي نيوز” الأميركية الشهر الماضي، إذ وصفت إيران بأنها “الخصم الأكبر” للولايات المتحدة.

وتوقع بيرمانت أن تنفذ إسرائيل هجوما آخر، وأن تحجم إيران عن الرد، لكنه يعتقد أن المنطقة ستشهد مزيدا من التصعيد في وقت لاحق، وقال إن السؤال هو: متى سيحدث ذلك؟